محيط : مئات البسطاء من سكان منطقة الدويقة بسفح جبل المقطم شرق القاهرة كانوا على موعد مع حادث أليم ، خلف حتى هذه اللحظة مئات القتلى والمصابين فيما مئات آخرين لم يُعرف مصيرهم بعد تحت الأنقاض ، حينما سقطت كتلة صخرية ضخمة من الجبل على عشرات المنازل بالدويقة ، ولعل كثير منا يتذكر ما كتبته الصحف المصرية ومنظمات حقوق الإنسان عن أسر كاملة تعاني الفقر المدقع وتنتظر الموت في كل لحظة .. إنهم سكان جبل الدويقة الذين اعتادوا انتظار الموت تحت الأنقاض إما نتيجة العيش في منازل آيلة للسقوط أو لتصدعات جبل المقطم فوقهم .
تحدث عادل محمود وهو أحد سكان منطقة الدويقة في تحقيق أجرته صحيفة "الوفد" المصرية عن مأساة المنطقة قائلا : " أعيش في المكان منذ التسعينيات وأنجبت أبنائي الخمسة في منزلي ، بهذا المكان ، إلا أنه منذ عدة سنوات بدأت حجارة وصخور الجبل تتساقط علينا ، وتصدعت المنازل تماما ، وتم حصر 19 منزلا آيلة للسقوط تقيم فيها 53 أسرة ، تم تعويض 25 أسرة وتسكينها في شقق بديلة ، وتمت إزالة بعض المساكن بالمصطبة الأولى ، بينما توقفت أعمال الإزالة خوفا من سقوط الحجارة الناتجة عن عملية الهدم على المنازل الواقعة أسفل تلك التي سيتم هدمها " .
الدويقة أتت تسميتها من اسم رجل معروف باسم "الدوق" وقيل أنه كان قاطع طرق ولص ، وكان اسمها الأصلي عزبة صفيح ، وهي احد الناطق التابعة لحي" منشأة ناصر" أحد أحياء المنطقة الغربية بمحافظة القاهرة.
منطقة الدويقة تمت بها في أكتوبر العام الماضي المرحلة السادسة من مشروع تطوير شامل بحي منشأة ناصر ، وتضمن ألف وحدة سكنية تستوعب آلاف السكان ، ولكن جهاز الإسكان بالوزارة المعنية لم يسلم عشرات السكان الشقق المقررة لهم تعويضا عن مساكنهم التي تم هدمها لوقوعها في حيز التطوير الذي يجري تنفيذه .
ومن المعروف أن منشأة ناصر من اكبر مناطق العشوائيات بالقاهرة واكثرها كثافة سكانية حيث يزيد تعداد السكان عن نصف ملوين نسمة علي مساحة 850 فدان بكثافة تجاوز 400 شخص للفدان...
معاناة سكان الدويقة
وحيد عبدالعال كتب لمجلة حوارات في تحقيق أجراه عن سكان المنطقة " تتداخل غرفهم المصنوعة من الطوب الجيري مع الصخور ليبدو المشهد وكأنهم أصبحوا جزءا من الجبل، اعتادوا رؤية الثعابين والعقارب تزحف فوق أسقف غرفهم المتهالكة، ورغم الاعتياد يكرهون هذا المشهد ويأملون في تغييره حتى يستطيعوا الحياة علي أرض صلبة لا علي صخور.
تلك الحياة الجبلية التي فرضت عليهم بسبب ضيق الحال لم يحصلوا عليها بهذه السهولة كما يعتقد البعض، فكل من يرغب في السكن فوق هذا الجبل عليه أن يتبع قوانينه الخاصة فالقاضي هناك علي سفح الجبل هو الأقوي والجاني هو الظروف المادية الصعبة ودولة تناست مواطنيها أما المجني عليهم فهم «سكان الجبل».
وكأنه دولة داخل الدولة، وأول تلك القوانين هو أن تحصل علي موافقة بقطعة تبني عليها غرفة لا تتعدي مساحتها الثمانية أمتار- في أغلب الأحيان- وبالطبع فإن قوانين الحصول علي تلك القطعة ستكون ذات طابع جبلي حيث يفرض البلطجية الذين اعتبروا أنفسهم ملاك الجبل علي السكان «إتاوة» تبدأ من 2000 جنيه وقد تصل إلي 4000 آلاف جنيه وذلك مقابل السماح لهم بالبناء فوق إحدي صخور الجبل دون أن تقف أمامهم «مطواة» أحدهم وتمنعه من الوجود فوق الجبل.
تقول جمالات «القصة بدأت عندما فوجئنا بالشروخ التي ظهرت في معظم البيوت الموجودة فوق الجبل وبعدها قمنا باستدعاء مهندس الحي لمعاينة تلك الشقوق وكانت المفاجأة - علي حد قول جمالات - عندما قام مهندس الحي بعمل محاضر مخالفة مبان لأغلب السكان الموجودين فوق الجبل
وتحولت تلك المحاضر إلي قضايا حكم في بعضها بالحبس والغرامة التي وصلت إلي 10 آلاف جنيه في بعض الحالات، تضيف جمالات «زوجي مريض بالقلب وأنا أم لولدين مصابين بإعاقة ذهنية وعلي الرغم من هذا فأنهم مصرون علي حبس زوجي وكأننا نحن المذنبون وليس الحكومة».
المعاناة التي يعيشها سكان جبل الدويقة لم تقف عند هذا الحد ولكن المياه من أكبر المشاكل التي يواجهها السكان هناك خاصة أنهم يضطرون إلي ملء «جراكن» المياه من إحدي الحنفيات العمومية ثم يحملونها علي رؤوسهم لتبدأ رحلة العذاب بأول خطوة يخطونها تجاه غرفهم، يحاولون بعدها أن يحافظوا علي ثباتهم وألا تنزلق أقدامهم فوق إحدي تلك الصخور ويموتون كما عاشوا بين أحضان هذا الجبل
مش عارفه فعلا اقول ايه ربنا معاهم